الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
107418 مشاهدة print word pdf
line-top
تعريف العبد بما خلق له وما فرض عليه

اعلـم بأن اللـه جــل وعـــلا
لم يترك الخلـق سـدى وهـمــلا
بل خلـق الخـلـق ليعـبـــدوه
وبالإلهيــة يــفـــــــردوه
أخرج فيما قد مضـى مـن ظهــر
آدم ذريتـــه كالــــــــذر
وأخذ العهــد عليهــم أنــــه
لا رب معبـود بحــق غــــيره
وبعد هذا رسـلـه قــد أرســلا
لهم وبالحـق الكتـــاب أنـــزلا
لكي بـذا العهـــد يذكــروهـم
وينـذروهـم ويبـشـــروهــم
كي لا يكون حجــة للنــاس بـل
لله أعلى حجــة عــز وجـــل
فمن يصدقهــم بــلا شـقــاق
فقد وفــى بــذلك الميثــــاق
وذاك ناج مـن عــذاب النـــار
وذلك الوارث عقبـــى الــــدار
ومن بهـم وبالكتــاب كـذبـــا
ولازم الإعراض عنــه والإبـــا
فذاك ناقــض كــلا العهــدين
مستوجب للخزي فــي الـداريــن


هذه مقدمة وذكر فيها العهد الذي أخذه الله تعالى على الخلق وهم في أصلاب آبائهم، وذكر فيها الحكمة في خلق الجن والإنس:
اعلم بأن اللــه جــل وعـــلا
لم يترك الخلق ســدى وهـمــلا
يعني أنه سبحانه ما خلقهم هملا، قال تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى يعني: لا يؤمر ولا ينهى، هذا ظن باطل، وقال تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا يعني أن خلقكم عبث لا لحكمة؛ بل خلق جميع المخلوقات قال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ؛ فالله تعالى لا يخلق شيئا من خلقه عبثا ومهملا لا يستفاد منه وليس فيه حكمة؛ بل كل شيء خلقه فلا بد فيه من حكمة، ما ترك الخلق سدى، ولا تركهم هملا، ولا خلقهم عبثا.
بل خلـق الخــلـق ليعبـــدوه
وبالإلهيـــة يـفـــــــردوه
خلقهم لعبادته قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ واللام في إِلَّا لِيَعْبُدُونِ لام التعليل؛ يعني العلة في خَلْقِه لهم أن يعبدوه، خلقهم لعبادته، فعل بهم الأول أي: خلقهم؛ ليفعلوا الثاني أي: ليفعلوا العبادة، فعل بهم الأول؛ ليفعلوا هم الثاني، خلق الخلق؛ ليعبدوه وحده.
والعبادة في الأصل هي: التذلل الذل والخضوع، ويسمون المماليك عبيدا؛ لأن المملوك مذلل لسيده، والخلق كلهم عبيد الله لأنهم ذليلون لعظمته، والعبادة هي: التذلل لله سبحانه، والخضوع له، والاستكانة بين يديه، ويعرفها شيخ الإسلام بأنها: غاية الحب مع غاية الذل، غاية الذل يعني التذلل، ولا بد أن يكون معه محبة، يتذللون لربهم ويحبونه.
ونظم ذلك ابن القيم في النونية:
وعبادة الرحمن غايــة حبـــه
مع ذل عابـده هـمـا قـطبــان
وعليهما فلَكُ العبـــادة دائـــر
ما دار حتى قـامـت القطبـــان
ومداره بالأمـر أمـر رسولـــه
لا بالهوى والنفـس والشيطـــان
فلا يكون العبد عابدا متعبدا إلا إذا كان محبا لمعبوده، ومتواضعا له؛ يعني معترفا له بالعبودية، ومع ذلك متواضع له، خلق الخلق ليعبدوه، وبالإلهية يفردوه؛ أي: يخصوه بالإلهية فلا يألهون غيره، والتأله هو: التعبد، الإله هو: الذي تألهه القلوب أي تحبه، وتعظمه بالإلهية، بجميع أنواع التأله يخصوه، هذه هي الحكمة من خلق الخلق.

line-bottom